ما بين صناعة التاريخ والاقتراب من المجد
فلسبورت | عندما تولى أسطورة كرة القدم الفرنسي زين الدين زيدان تدريب الفريق الثاني بنادي ريال مدريد الإسباني في 2014 ، لم يكن خيارا مقنعا لأحد.
وبعد مرور ، أربع سنوات ، أصبح زيدان على بعد 90 دقيقة فقط من صناعة التاريخ كمدرب للفريق الأول بالنادي.
ويستطيع زيدان قيادة الفريق للتتويج بلقب دوري الأبطال الأوروبي للموسم الثالث على التوالي إذا تغلب على ليفربول الإنجليزي السبت في المباراة النهائية للبطولة بالعاصمة الأوكرانية كييف.
وإذا حقق المدرب الفرنسي هذا ، سيكمل رحلته المثيرة من مدرب مبتدئ غير مقنع إلى مدرب قهر الأرقام القياسية في زمن قياسي.
ونجح أكثر من مدرب سابق في الفوز بلقب دوري الأبطال ثلاث مرات لكنها ستكون المرة الأولى التي يتوج فيها أي مدرب باللقب في ثلاثة مواسم متتالية.
ويضاعف من آمال زيدان في هذا أن الريال لم يخسر النهائي الأوروبي منذ أن خسره في 1981 أمام ليفربول.
وكان بوب بايسلي مدربا لليفربول في ذلك الوقت وتوج بلقب البطولة للمرة الثالثة بعدما أحرز اللقب في مرتين سابقتين عامي 1977 و1978 .
وتوج المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي بلقب دوري الأبطال ثلاث مرات سابقة ولكن مع ناديين مختلفين وفي غضون 11 عاما.
ولكن فوز الريال باللقب سيضع زيدان في مكانة فريدة بين المدربين في تاريخ دوري الأبطال حيث سيكون تتويجا رائعا لمسيرته مع الريال رغم البداية غير المقنعة لمسيرته التدريبية مع الفريق الثاني بالنادي (كاستيا) في 2014 .
وعندما تولى زيدان تدريب الفريق الثاني بالنادي ، عانى من سوء النتائج وفكر مسؤولو النادي في إقالته.
وكانت الانطباعات الأولى أن زيدان سينضم إلى مجموعة اللاعبين العظماء الذين فشلوا في تجاربهم كمدربين.
ولكن زيدان أعاد ترتيب أوراقه وبدأ في تحقيق بعض الانتصارات وإن ظل غير مقنع.
وعندما تولى تدريب الفريق الأول للريال في كانون الثاني خلفا للمدرب الإسباني رافاييل بينيتيز ، ظهرت حالة من التذمر بين بعض أعضاء الفريق من تدريباته الغريبة وافتقاده القدرة على إلهام الفريق في المباريات.
وفي المباراة التي خسرها الريال أمام جاره أتلتيكو مدريد صفر / 1 ، بدا وأن زيدان ألقى بآخر أوراقه كمدرب حيث تفوق عليه تماما المدرب الأرجنتيني دييجو سيميوني المدير الفني لأتلتيكو. والأكثر من هذا ، بدا أن اللاعبين لا يقتنعون به.
ولكن هذه المباراة كانت من آخر إخفاقاته في مسيرته التدريبية حيث توج زيدان مع الريال بلقب دوري الأبطال في نهاية أول موسم له مع الفريق بعدما قدم أفضل ما لديه في المواجهة مع أتلتيكو وسيميوني في النهائي الأوروبي.
وفي الموسم التالي ، قاد زيدان الفريق إلى الفوز بثنائية الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا وهو ما لم ينجح فيه الريال منذ خمسينيات القرن الماضي.
ورغم ضياع حلم الدفاع عن لقب الدوري الإسباني في الموسم الحالي بعد مسيرة متواضعة من الفريق الذي أنهى الموسم بفارق 17 نقطة خلف منافسه التقليدي العنيد برشلونة الذي توج باللقب ، أصبح الريال قريبا للغاية من التتويج بلقب دوري الأبطال للموسم الثالث على التوالي.
وتطور أداء زيدان الخططي حيث تناوب الفريق بين طريقة اللعب 4 / 3 / 3 التي طبقها أنشيلوتي وبينيتيز وطريقة اللعب 4 / 4 / 2 التي تعني التخلص من القاعدة غير المدروسة في الريال والتي اعتمدت على الدفع بالثلاثي كريستيانو رونالدو وجاريث بيل وكريم بنزيمة سويا في الهجوم بغض النظر عن جاهزيتهم الفنية والبدنية.
وأقنع زيدان لاعبه البرتغالي رونالدو بالحصول على راحة خلال الموسم ليحصل منه على أفضل ما يريد من مستويات خلال المراحل الحاسمة.
كما حرص زيدان على مناصرة لاعبيه حيث علق على محاولات الريال لضم حارس مرمى جديد في منتصف الموسم بأن الكوستاريكي كيلور نافاس سيظل الحارس الأول لديه.
وأثمر إخلاصه للاعبيه حيث وصل الفريق إلى نهائي دوري الأبطال وأصبح زيدان على بعد 90 دقيقة من كتابة التاريخ.
يورجن كلوب
بعد أكثر من عامين ونصف العام على توليه مسؤولية تدريب ليفربول الإنجليزي وتعريف نفسه بأنه “المدرب العادي” ، يستطيع المدرب الألماني يورجن كلوب قيادة الفريق للفوز بأحد أهم الألقاب في تاريخه عندما يلتقي ريال مدريد الإسباني غدا السبت في المباراة النهائية للبطولة بالعاصمة الأوكرانية كييف.
ولدى تقديمه رسميا إلى وسائل الإعلام في تشرين أول 2015 كمدير فني جديد لليفربول ، فاجأ كلوب الجميع بتصريحه قائلا “إنني المدرب العادي… يمكنكم الحصول على هذا. أنا مجرد رجل متوسط من بلاك فورست الذي كان لاعبا عاديا” ليثير بهذا ضحك العديد من وسائل الإعلام.
وصنع يورجن شهرته من خلال سبع سنوات ناجحة كمدير فني لبوروسيا دورتموند الألماني. وربما كان كلوب لاعبا متوسط المستوى لكنه ليس مدربا متوسط المستوى مثلما أثبت هذا في دورتموند حيث قاد الفريق لنهائي دوري الأبطال الأوروبي في 2013 . وكانت كاريزما وثقة كلوب واضحتين في ذلك اليوم وهو ما أسهم في استحواذه سريعا على قلوب مشجعي ليفربول حيث شعر المشجعون بأنه الرجل الذي يستطيع استعادة أمجاد ليفربول الذي فاز بآخر ألقابه في الدوري الإنجليزي عام 1990 .
وخلال مسيرته مع ليفربول حتى الآن ، أوفى كلوب بوعوده حيث قاد الفريق لتقديم عروض جيدة ونجح في تحويله من فريق يستطيع تقديم عروض جيدة في بعض الأحيان إلى قوة ثابتة مستقرة في البطولات المحلية وكذلك على الساحة الأوروبية.
وقاد كلوب ليفربول للتأهل إلى دوري الأبطال في موسمين متتاليين عبر احتلال مركز متقدم بالدوري الإنجليزي كما قاده إلى نهائي كأس رابطة المحترفين الإنجليزية وإلى نهائي الدوري الأوروبي والآن إلى نهائي دوري الأبطال. كما كانت الصفقات التي أبرمها كلوب لتدعيم صفوف الفريق رائعة حيث تعاقد مع المصري الدولي محمد صلاح من روما الإيطالي مقابل 9ر36 مليون جنيه استرليني (7ر49 مليون دولار) ليسجل صلاح 44 هدفا للفريق في مختلف البطولات بموسمه الأول في ليفربول. كما تعاقد كلوب مع فيرجيل فان دايك من ساوثهمبتون لتدعيم دفاع الفريق ولاعب الوسط أليكس تشامبرلين من أرسنال وقلب الدفاع أندرو روبرتسون من هال سيتي. وتألق هؤلاء النجوم جميعا في صفوف الفريق.
كما اجتاز كلوب خسارة نجمه البرازيلي الشهير فيليب كوتينيو الذي انتقل إلى برشلونة الإسباني في منتصف الموسم الحالي ونجح في تطوير مستوى العديد من اللاعبين الموجودين بالفريق وخاصة المدافع ديان لوفرين.
وتأقلم لاعبو ليفربول سريعا مع أسلوب الضغط الهجومي الذي اتبعه كلوب لإرباك دفاع منافسيه.
وأبدى بعض المراقبين للفريق تخوفهم من شعور اللاعبين بالإجهاد نتيجة هذا الأسلوب ، ولكنه ساعد ليفربول كثيرا على استعادة الكرة سريعا من المنافس والاستحواذ عليها مما أسفر عن مضاعفة فرص الفريق لهز شباك منافسيه.
وإلى جوار خط الملعب ، عاش كلوب مع لاعبيه كل لحظة وراقب كل لعبة وكل تسديدة خلال الضغط الهجومي للاعبيه تنفيذا لتعليماته بحثا عن استعادة أمجاد ليفربول.
وإذا نجح كلوب في قيادة الفريق للفوز بلقب دوري الأبطال السبت في كييف ، سيدون اسمه بجدارة في سجلات التاريخ.
وقال كلوب : “من أجل البقاء في الذاكرة لمدة 500 عام ، علينا تحقيق الفوز”.